ثم ذكر الشيخ الأمين -رحمه الله- أن أقوى ما يستند عليه من قال بحياته، ما ذكره ابن عبد البر في التمهيد عن علي رضي الله عنه، قال: "لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وسجي بثوب، هتف هاتف..إلخ"1، فذكر الحديث في تعزية الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم, فكانوا يرون أنه الخضر عليه السلام2.

وقد رد الشيخ -رحمه الله- هذا الأثر من وجهين؛ فقال: " الأول: أنه لم يثبت ذلك بسند صحيح؛ قال ابن كثير في تفسيره: وحكى النووي وغيره في بقاء الخضر إلى الآن، ثم إلى يوم القيامة قولين، ومال هو وابن الصلاح إلى بقائه، وذكروا في ذلك حكايات عن السلف وغيرهم. وجاء ذكره في بعض الأحاديث، ولا يصح شيء من ذلك. وأشهرها حديث التعزية، وإسناده ضعيف. ا.?3.

الثاني: أنه على فرض أن حديث التعزية صحيح، لا يلزم من ذلك عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً، أن يكون ذلك المعزي هو الخضر، بل يجوز أن يكون غير الخضر من مؤمني الجن؛ لأن الجن هم الذين قال الله فيهم: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} 4. ودعوى أن ذلك المعزي هو الخضر تحكم بلا دليل. وقولهم: كانوا يرون أنه الخضر- ليس حجة يجب الرجوع إليها؛ لاحتمال أن يخطئوا في ظنهم، ولا يدل ذلك على إجماع شرعي معصوم، ولا متمسك لهم في دعواهم أنه الخضر كما ترى"5.

ثم رجح -رحمه الله- موت الخضر عليه السلام مؤيداً ذلك بعدة أدلة؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015