المطلب الأول: هل الخضر نبي أو ولي؟
قال الشيخ الأمين -رحمه الله-: "العلماء مختلفون في الخضر: هل هو نبي، أو رسول، أو ولي؟ كما قال الراجز:
واختلف في خضر أهل العقول
قيل نبي أو ولي أو رسول
وقيل: ملك"1.
ثم رجح -رحمه الله- نبوته عليه السلام، ونصر هذا القول، واستدل له وفق طريقته في تفسير القرآن بالقرآن؛ فقال -رحمه الله-: "يفهم من بعض الآيات أن هذه الرحمة المذكورة هنا رحمة نبوية، وأن هذا العلم اللدني علم وحي، مع العلم بأن في الاستدلال بها على ذلك مناقشات معروفة عند العلماء. اعلم أولاً: أن الرحمة تكرر إطلاقها على النبوة في القرآن، وكذلك العلم المؤتى من الله تكرر إطلاقه فيه على علم الوحي. فمن إطلاق الرحمة على النبوة قوله تعالى في الزخرف: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} الآية2؛ أي نبوته حتى يتحكموا في إنزال القرآن على رجل عظيم من القريتين. وقوله تعالى في سورة الدخان: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} الآية3. وقوله تعالى في آخر القصص: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} الآية4.