بغائب يكتب عليه ما يقول من خير وشر. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الإنسان عليه حفظة من الملائكة يكتبون أعماله، جاء موضحاً في آيات كثيرة من كتاب الله؛ كقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} 1، وقوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} 2وقوله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 3"4.
وقد أوضح -رحمه الله- أن كتابة أعمال العباد لا تتعارض مع إحاطة الله بكل شيء علماً، وإنما ذلك لحكم أرادها الله جل وعلا؛ يقول -رحمه الله-: "إن الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، في وقت كتابة الحفظة أعماله لا حاجة له لكتب الأعمال؛ لأنه عالم بها لا يخفى عليه شيء، وإنما أمر بكتابة الحفظة للأعمال لحكم أخرى؛ كإقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أوضحه بقوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} 5"6.
وتعرّض -رحمه الله- للخلاف الحاصل في كتابة الحفظة لأقوال العباد؛ هل تشمل المباح، أو تقتصر على ما فيه ثواب وعقاب فقط؛ فذكر للعلماء قولين، ولم يرجح أحدهما على الآخر؛ فقال: "قال بعضهم7: يكتب عليه