وَكِيلاً} 1 وقوله: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} 2، إلى غير ذلك من الآيات3.

ويذكر -رحمه الله- الأدلة على أن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب فيقول: "ومن الأدلة على ذلك: قول الله تعالى لمريم: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً} 4، مع أنه تعالى لو أراد لأسقطه لها بدون هز منها. ومن أوضح الأدلة على ذلك قول يعقوب –الذي وصفه الله بالعلم في قوله: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} 5: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} 6 محافظة عليهم من العين، ثم قال: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} 7، فقد أخذ بالأسباب والحيطة، وصرح بأن الآعتماد على الله تعالى وحده، فهو متوكل وآخذ بالأسباب. ومما يدل أن السبب لا ينفع إلا بإرادة الله ما قصه الله في سورة الأنبياء وغيرها عن إبراهيم عليه السلام؛ فالنار طبيعتها المستمرة: الإحراق، ولكن عندما لم يرد الله لها أن تؤثر في إبراهيم أحرقت الحطب، وكانت عليه برداً وسلاماً في آن واحد؛ كما قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} 8. فالمؤثر في الحقيقة هو رب العالمين، ولو شاء أن تتخلف مقتضيات الأسباب لتخلفت، كما أنه لو شاء أن يجعل ما لم تجر العادة بأن يكون من الأسباب سبباً لجعله كذلك"9.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015