معرفة أمر موجود بعينه. وكل موجود فإنما هو موجود بعينه، فلا يفيد معرفة شيء من حقائق الموجودات. وإنما يفيد أمورًا كلية مطلقة مقدرة في الأذهان لا محققة في الأعيان.
فيما يذكره النظار من الأدلة القياسية التي يسمونها براهين على إثبات الصانع سبحانه، لا يدل شيء منها على عينة. وإنما يدل على أمر مطلق لا يمنع من وقوع الشركة فيه.
فإذا قال: هذا محدث، وكل محدث فلا بد له من محدث، وإنما يدل هذا على محدث مطلق كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإنما تعلم عينه بعلم آخر يجعله الله في القلوب، وهم معترفون بهذا لأن النتيجة لا تكون أبلغ من المقدمات، والمقدمات فيها قضية كلية لابد من ذلك. والكلي لا يدل على معين.
وهذا بخلاف ما يذكره الله في كتابه من الآيات كقوله تعالى {إن في خلق السموات والأرض .. الآية} إلى غير ذلك يدل على المعين كالشمس التي هي آية النهار. والدليل أعم من القياس فإن الدليل قد يكون بمعين على معين. كما يستدل بالنجم وغيره من الكواكب على الكعبة.
فالآيات تدل على نفس الخالق سبحانه، لا على قدر مشترك بينه وبين غيره فإن كل ما سواه مفتقر إليه، فيلزم من وجوده وجود عين الخالق نفسه.