في الخارج، ويقال: بينوا هذا أي شيء هو؟ فهنالك يظهر جهلهم. وإنما يقولون هو أمر مقدر في الأذهان لا حقيقة له في الأعيان مثل أن يقال لهم: اذكروا مثال ذلك والمثال أمر جزئي، فإذا عجزوا عن التمثيل وقالوا: نحن نتكلم في الأمور الكلية، فاعلم أنهم يتكلمون بلا علم. وفيما لا يعلمون أن له معلومًا في الخارج، بل فيما ليس له معلوم في الخارج، وفيما يمتنع أن يكون له معلوم في الخارج، وإلا فالعلم بالأمور الموجودة إذا كان كليًا كانت معلوماته ثابتة في الخارج.
وقد كان الخسر وشاهي من أعيانهم ومن أعيان أصحاب الرازي، وكان يقول: ما عثرنا إلا على هذه الكليات، وكان قد وقع في حيرة وشك حتى كان يقول: والله ما أدري ما أعتقد، والله ما أدري ما أعتقد.
والمقصود أن الذي يدعونه من الكليات، هو إذا كان علمًا، فهو مما يعرف بقياس التمثيل لا يقف على القياس المنطقي الشمولي أصلًا، بل ما يدعون ثبوته بهذا القياس، تعلم أفراده التي يستدل عليها بدون هذا القياس، وذلك أيسر وأسهل. ويكون الاستدلال عليها بالقياس الذي يسمونه البرهاني استدلالًا على الأجلي بالأخفى.
وهم يعيبون في صناعة الحد أن يعرف الجلي بالخفي، وهذا في صناعة البرهان أشد عيبًا؟ فإن البرهان لا يراد به إلا بيان المدلول عليه وتعريفه وكشفه وإيضاحه، فإذا كان هو أوضح وأظهر، كان بيانًا للجلي بالخفي.
قال: ثم إن الفلاسفة أصحاب هذا المنطق البرهاني الذي وضعه أرسطو وما يتبعه من الطبيعي والإلهي ليسوا أمة واحدة، بل أصناف متفرقون وبينهم من التفرق والاختلاف ما لا يحصيه إلا الله، أعظم مما بين الملة