بل هذا من أخص صفات العقل التي فارق بها الحس لا يعلم إلا معينًا" والعقل يدركه كليًا مطلقًا، لكن بواسطة التمثيل، ثم يدركها كلها مع غروب الأمثلة المعينة عنه، لكن هي في الأصل إنما بعد عن الذهن المفردات المعينة. فقد يغلط كثيرًا، بأن يجعل الحكم إما أعم وإما أخص، وهذا يعرض للناس كثيرًا، حيث يظن أن ما عنده من القضايا الكلية صحيح، ويكون عند التحقيق ليس كذلك، وهم يتصورون الشيء بعقولهم، ويكون ما يتصوره معقولًا بالعقل، فيتكلمون عليه ويظنون أنهم تكلموا في ماهية مجردة بنفسها من حيث هي هي، من غير أن تكون ثابتة في الخارج ولا في الذهن فيقولون: الإنسان من حيث هو هو، والوجود من حيث هو هو والسواد من حيث هو هو ونحو ذلك.

ويظنون أن هذه الماهية التي جردوها عن جميع القيود السلبية والثبوتية محققة في الخارج على هذا النحو؛ وذلك غلط كغلط أولهم فيما جردوه من العدد والمثل الأفلاطونية وغيرها، بل هذه المجردات لا تكون إلا مقدرة في الذهن: وليس كل ما فرضه الذهن أمكن وجوده في الخارج، وهذا الذهن يسمى (الإمكان الذهني). فإن (الإمكان) على وجهين ذهني، وهو أن يعرض الشيء على الذهن فلم يعلم إمتناعه. بل يقول يمكن هذا، لا لعلمه بإمكانه بل لعدم علمه بإمتناعه (مع) أن ذلك الشيء قد يكون: ممتنعًا في الخارج. وخارجي: وهو أن يعلم إمكان الشيء في الخارج، وهذا يكون: بأن يعلم وجوده في الخارج أو وجود نظيره، أو وجود ما هو أبعد عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015