معهم إلا "الأوليات" التي هي البديهيات العقلية، "والأوليات الكلية" إنما هي قضايا مطلقة في الأعداد والمقادير ونحوها مثل قولهم: "الواحد نصف الاثنين"، "والأشياء المساوية لشيء واحد متساوية" ونحو ذلك. وهي مقدرات في الذهن ليست في الخارج كلية.

فقد تبين أن القضايا الكلية البرهانية التي يجب القطع بكليتها التي يستعملونها في قياسهم لا يستعمل في شيء من الأمور الموجودة، وإنما تستعمل في مقدرات ذهنية، فإذن لا يمكنهم معرفة الأمور الموجودة المعينة بالقياس البرهاني، "وهذا هو المطلوب ولهذا لم يكن لهم علم بحصر أقسام الموجود. بل أرسطو لما حصر أجناس الموجودات في المقولات العشر": الجوهر والكم والكيف والابن ومتى والوضع وأن يفعل وأن ينفعل والملك (والإضافة اتفقوا على أنه لا سبيل إلى معرفة صحة هذا الحصر.

الوجه الثاني: إنما يقال إذا كان لابد في كل قياس من قضية كلية فتلك القضية الكلية لابد أن تنتهي إلى أن تعلم بغير قياس، وإلا لزم الدور والتسلسل فإذا كان لابد أن تكون لهم قضايا كلية معلومة بغير قياس فيقول: ليس في الموجودات ما تعلم له الفطرة قضية كلية بغير قياس، إلا وعلمها بالمفردات المعينة من تلك القضية الكلية أقوى من علمها بتلك القضية الكلية، مثل قولنا: "الواحد نصف الإثنين"، "والجسم لا يكون في مكان"، "والضدان لا يجتمعان، فإن العلم بأن هذا الواحد نصف الإثنين في الفطرة، أقوى من العلم بأن كل واحد نصف كل اثنين، وهكذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015