والمقابلة فيها تطور، يغني الله عنه بغيره كما ذكرنا في المنطق. وهكذا كل ما بعث به النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل العلم بجهة القبلة والعلم بمواقيت الصلاة والعلم بطلوع الفجر والعلم بالهلال، فكل القبلة هذا يمكن العلم به بالطرق التي كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يسلكونها ولا يحتاجون معها إلى شيء آخر. وإن كان كثير من الناس قد أحدثوا طرقًا أخر، وكثير منهم يظن أنه لا يمكن معرفة الشريعة إلا بها، وهذا من جهلهم.

كما يظن طائفة من الناس أن العلم بالقبلة لا يمكن إلا بمعرفة ((أطوال البلاد وعروضها)). وهو إن كان علمًا صحيحًا حسابيًا يعرف بالعقل، لكن معرفة المسلمين بقبلتهم ليست موقوفة على هذا. بل قد ثبت عن صاحب الشرع -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)). قال الترمذي: حديث صحيح. ولهذا كان عند جماهير العلماء أن المصلي ليس عليه أن يستدل ((بالقطب)) ولا بالجدي ولا غير ذلك بل إذا [من في] جعل الشام ونحوها المغرب عن يمينه والمشرق عن شماله صحت صلاته.

وكذلك لا يمكن ضبط وقت طلوع الهلال بالحساب فإنهم وإن عرفوا أن نور القمر مستفاد من الشمس وأنه إذا اجتمع القرصان عند الاسترار لا يرى له ضوء فإذا فارق الشمس صار فيه النور، فهم أكثر ما يمكنهم أن يضبطوا بالحساب كم بعد من غروب الشمس عن الشمس. هذا إذا قدر صحة تقويم الحساب وتعديله، فإنهم يسمعونه علم التقويم والتعديل لأنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015