الذهن أن يزل في فكره، فاحتجنا أن ننظر في هذه الآلة هل هو كما قالوا أو ليس الأمر كذلك؟ ومن شيوخهم من إذا تبين له من فساد أقوالهم ما يبين به ضلالهم وعجز عن دفع ذلك: يقول ((هذه علوم قد صقلتها الأذهان أكثر من ألف سنة وقبلها الفضلاء)) فيقال له: عن هذا أجوبه.
أحدهما: أنه ليس الأمر كذلك. فما زال العقلاء الذين هم أفضل من هؤلاء ينكرون عليهم ويثبتون خطأهم وضلالهم.
فأما القدماء فالنزاع بينهم كثير معروف وفي كتب أخبارهم ومقالاتهم من ذلك ما ليس هذا موضع ذكره. فأما أيام الإسلام فإن كلام نظار المسلمين في بيان فساد ما أفسدوه من أصولهم المنطقية والإلهية بل والطبيعية والرياضية كثير قد صنف فيه كل طائفة من طوائف نظار المسلمين حتى الرافضة
وأما شهادة سائر العلماء بضلالهم وكفرهم فهذا اللسان عام لا يدفعه إلا معاند، والمؤمنون شهداء الله في الأرض.
فإذا كان أعيان الأذكياء الفضلاء من الطوائف وسائر أهل العلم والإيمان معلنين تخطئتهم وتضليلهم إما تفصيلًا. امتنع أن يكون العقلاء قاطبة تلقوا كلامهم بالقبول.
أوجه الثاني: أن هذا ليس بحجة، فإن الفلسفة كانت قبل أرسطو وتلقاها من قبله بالقبول طعن أرسطو في كثير منها وبين خطأهم، وابن سينا وأتباعه خالفوا القدماء في طائفة من أناويلهم المنطقية وغيرها بينوا خطأهم، ورد الفلاسفة بعضهم على بعض أكثر من رد كل طائفة بعضهم على بعض، وأبو