وتارة لا يكون معه فإنا إذا علمنا ذلك، ثم قلنا ((أنه دائمًا كنا قد جمعنا بين النقيضين.
وهذا اللزوم الذي نذكره ههنا يحصل به الاستدلال بأي وجه حصل اللزوم. وكلما كان اللزوم أقوى، وأتم وأظهر، كانت الدلالة أقوى وأتم وأظهر، كالمخلوقات الدالة على الخالق -سبحانه وتعالى-، فإنه ما منها مخلوق إلا وهو ملزوم لخالقها، لا يمكن وجوده بدون وجود خالقه، بل ولا بدون علمه، وقدرته ومشيئته وحكمته ورحمته، فكل مخلقو دال على ذلك كله.
وإذا كان المدلول لازمًا للدليل، فمعلوم أن اللازم إما أن يكون مساويًا للملزوم، وإما أن يكون أعم منه، فالدليل لا يكون أعم منه، وإذا قالوا في ((القياس)): ((يستدل بالكلي على الجزئي)) فليس الجزئي هو الحكم المدلول عليه، وإنما الجزئي هو الموصوف المخبر عنه بمحل الحكم، فهذا قد يكون أخص من الدليل، وقد يكون مساويًا له؛ بخلاف الحكم الذي هو صفة هذا وحكمه الذي أخبر به عنه، فإنه لا يكون إلا أعم من الدليل أو مساويًا له. فإن ذلك هو المدلول اللازم للدليل. والدليل هو لازم للخبر عنه الموصوف فإذا قيل: ((النبيذ حرام لأنه خمر)) فكونه خمرًا هو الدليل، وهو لازم للنبيذ والتحريم لازم للخمر.
والقياس المؤلف من المقدمتين إذا قلت ((كل النبيذ ال؟ ؟ ؟ ؟ فيه مسكر أو خمر وكل خمر حرام)) فأنت لم تستدل ((بالمسكر أو الخمر)) الذي هو كلي على نفس محل النزاع لدى هو أخص من الخمر وهو النبيذ، فليس هو استدلالًا بذلك الكلي على هذا الجزئي، بل استدللت على تحريم هذا النبيذ