وكذلك سائر ما يقع الشك في اندراجه تحت قضية كلية من الأنواع والأعيان. مع العلم بحكم تلك القضية كتنازع الناس في النرد والشطرنج: هل هما من الميسر أم لا، وتنازعهم في النبيذ المتنازع فيه، هل هو من الحرام، وتنازعهم في الحلف بالنذر والطلاق والعتاق هل هو داخل في قوله {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} أم لا وتنازعهم في قوله {أو يعفو الذي بيده عدة النكاح} - هل هو الزوج أو الولي المستقل وأمثال ذلك.
وقد يحتاج الاستدلال إلى مقدمتين، لمن لم يعلم أن النبيذ المسكر المتنازع فيه محرم، ولم يعلم أن هذا المعين محرم ومسكر، فهو لا يعلم أنه محرم، حتى يعلم أنه مسكر، ويعلم أن كل مسكر حرام. وقد يعلم أن هذا مسكر، ويعلم أن كل مسكر خمر، لكن لم يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حرم الخمر لقرب عهده بالإسلام، أو لنشأته بين جهال أو زنادقة يشكون في ذلك أو يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كل مسكر حرام، أو يعلم أن هذا خمر، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرم الخمر، لكن لم يعلم أن محمدًا رسول الله، أو لم يعلم أنه حرمها على جميع المؤمنين، بل ظن أنه أباحها لبعض الناس، فظن أنه منهم، كمن ظن أنه أباح شربها للتداوي أو غير ذلك فهذا لا يكفيه في العلم بتحريم هذا النبيذ المسكر تحريمًا عامًا، إلا أن يعلم أنه مسكر وأنه خمر. وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرم كل مسكر وأنه رسول الله حقًا؛ فما حرمه، حرمه الله، وأنه حرمه تحريمًا عامًا، لم يبحه للتداوي أو للتلذذ.
ومما يبين أن تخصيص الاستدلال بمقدمتين باطل، أنهم قالوا في حد القياس الذي يشمل البرهاني والخطابي والجدلي والشعري والسوفسطائي إنه