فصل: وأيضًا فإنهم قسموا جنس الدليل إلى القياس والاستقراء والتمثيل: قالوا؛ لأن الاستدلال: إما أن يكون بالكلي على الجزئي، أو بالجزئي على الكلي، أو بأحد الجزئيين على الآخر. وربما عبروا عن ذلك بالخاص والعام فقالوا: إما أن يستدل بالعام على الخاص، أو بالخاص على العام، أو بأحد الخاصين على الآخر.
قالوا: والأول هو القياس. يعنون به قياس لشمول، فإنهم يخصونه باسم القياس. وكثير من أهل الأصول والكلام يخصون باسم القياس التمثيل. وأما جمهور العقلاء، فاسم القياس عندهم يتناول هذا وهذا.
وقالوا والاستدلال بالجزئيات على الكلي هو الاستقراء، وإن كان تامًا فهو الاستقراء التام، وهو يفيد اليقين، وإن كان ناقصًا، لم يفد اليقين. فالأول هو استقراء جميع الجزئيات، والحكم عليه بما وجد في جزئياته والثاني استقراء أكثرهما وذلك كقول القائل: الحيوان إذا أكل حرك فكه الأسفل، لأنا استقريناها فوجدناها هكذا، فيقال له التمساح يحرك الأعلى.
ثم قالوا: إن القياس ينقسم إلى اقتراني واستثنائي ما تكون النتيجة أو بعضها مذكورًا فيه بالفعل والاقتراني ما تكون فيه بالقوة، كالمؤلف من القضايا الحلية: كقولنا كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام والاستثنائي ما يؤلف من الشرطيات، وهو نوعان: أحدهما متصلة: كقولنا إن كانت