فإن هذا ليس موضع تقرير هذا، ولكن نبهنا به على أن برهانهم القياسي لا يفيد أمورًا كلية واجبة البقاء في الممكنات.
وأما واجب الوجود تبارك وتعالى فالقياس لا يدل على ما يختص به وإنما يدل على أمر مشترك كلي بينه وبين غيره، إذ كان مدلول القياس الشمولي عندهم ليس إلا أمورًا كلية مشتركة وتلك لا تختص بواجب الوجود رب العالمين سبحانه وتعالى، وفلم يعرفوا ببرهانهم شيئًا من الأمور التي يجب دوامها، لا من الواجب ولا من الممكنات.
الآيات - وقياس الأولى
وإذا كانت للنفس إنما تكمل بالعلم الذي يبقى بقاء معلومه، لم يستفيدوا ببرهانهم ما تكمل به النفس من العلم، فضلًا عن أن يقال إن ما تكمل به النفس من العلم لا يحصل إلا ببرهانهم ولهذا كانت طريقة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه الاستدلال على الرب تعالى بذكر آياته. وإن استعملوا في ذلك القياس، استعملوا قياس شمول يستوي أفراده، ولا قياس مثل محض. فإن الرب تعالى لا مثيل له، ولا يجتمع هو وغيره تحت كلي يستوي أفراده، بل ما يثبت لغيره من كمال لا نقص فيه، فثبوته له بطريق الأولى. وما تنزه غيره عنه من النقائص، فتنزهه عنه بطريق الأولى.
ولهذا كانت الأقيسة العقلية البرهانية المذكورة في القرآن من هذا الباب،