عليه. فهذا هو جهة دلالته سواء صور قياس شمول وتمثيل أو لم يصور كذلك. وهذا أمر يعقله القلب وإن لم يعبر عنه اللسان. ولهذا كانت أذهان بني آدم تستدل بالأدلة على المدلولات، وإن لم يعبروا عن ذلك بالعبارات المبينة لما في نفوسهم، وقد يعبرون بعبارات مبينة لمعانيهم، وإن لم يسلكوا اصطلاح طائفة معينة من أهل الكلام ولا المنطق ولا غيرهم، فالعلم بذلك الملزوم، لابد أن يكون بينًا بنفسه أو بدليل آخر.
وأما قياس التمثيل فهو انتقال الذهن من حكم معين إلى حكم معين لاشتراكهما في ذلك المعنى المشترك الكلي، لأن ذلك الحكم يلزم المشترك الكلي. ثم العلم بذلك اللزوم لابد له من سبب، إذا لم يكن بيننا كما تقدم، فهو يتصور المعينين أولًا، وهما الأصل والفرع إلى لازمهما وهو المشترك، ثم إلى لازم اللازم وهو الحكم، ولابد أن يعرف أن الحكم لازم المشترك وهو الذي يسمى هناك قضية كبرى، ثم ينتقل إلى إثبات هذا اللازم للملزوم الأول المعين فهذا هو هذا في الحقيقة، وإنما يختلفان في تصوير الدليل ونظمه وإلا فالحقيقة التي بها صار دليلًا، وهو أنه مستلزم للمدلول حقيقة واحدة.
ومن ظلم هؤلاء وجهلهم أنهم يضربون المثل في قياس التمثيل بقول القائل السماء مؤلفة، فتكون محدثة قياسًا على الإنسان. ثم يوردون على هذا القياس ما يختص به، فإنه لو قيل السماء مؤلفة، وكل مؤلف محدث، لورد عليه هذه الأسئلة وزيادة. ولكن إذا أخذ قياس الشمول في مادة بينة، لم يكن فرق