العلة، فلابد من دليل بدل على ذلك من نص أو اجتماع أو سبر وتقسيم أو المناسبة أو الدوران عند من يستدل بذلك، فما دل على أن الوصف المشترك مستلزم للحكم إما علة، وإما دليل العلة: هو الذي يدل على أن الحد الأوسط مستلزم الأكبر، وهو الدال على صحة المقدمة الكبرى، فإن أثبت العلة كان برهان علة، وإن أثبت دليلها، كان برهان دلالة. وإن لم يفيد العلم بل أفاد الظن، فكذلك المقدمة الكبرى في ذلك القياس لا تكون إلا ظنية، وهذا أمر بين. ولهذا صار كثير من الفقهاء يستعملون في الفقه القياس الشمولي، كما يستعمل في العقليات القياس التمثيلي، وحقيقة أحدهما هو حقيقة الآخر.

ومن قال من متأخري أهل الكلام والرأي كأبي المعالي وأبي حامد والرازي وأبي محمد المقدسي وغيرهم من أن العقليات ليس فيها قياس وإنما القياس في الشرعيات، ولكن الاعتماد في العقليات على الدليل الدال على ذلك مطلقًا، فقولهم مخالف لقول نظار المسلمين، بل وسائر العقلاء، فإن القياس يستدل به في العليات كما يستدل به في الشرعيات، فإنه إذا ثبت أن الوصف المشترك مستلزم للحكم كان هذا دليلًا في جميع العلوم. وكذلك إذا ثبت أنه ليس بين الفرع والأصل فرق مؤثر كان هذا دليلًا في جميع العلوم، وحيث لا يستدل بالقياس التمثيلي، لا يستدل بالقياس الشمولي.

وأبو المعالي ومن قبله من النظار لا يسلكون طريقة المنطقيين ولا يرضونها بل يستدلون بالأدلة المستلزمة عندهم لمدلولاتها من غير اعتبار ذلك بميزان المنطقيين ((لكن جمهور النظار يقيسون الغائب على الشاهد إذا كان المشترك مستلزمًا للحكم، كما يمثلون به في الجمع بالحد والعلة والشرط والدليل، ومنازعهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015