من العلوم والأعمال من غير تكلم بحد منطقي زيادة في م، ولا نجد أحدًا من أئمة العلوم يتكلم بهذه الحدود لا أئمة الفقه ولا النحو ولا الطلب ولا الحساب ولا أهل الصناعات مع أنهم يتصورون مفردات عليهم فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود.
الرابع: إلى الساعة لا يعلم للناس حد مستقيم على أصلهم، بل أظهر الأشياء الإنسان زيادة من م وحده بالحيوان الناطق عليه الاعتراضات المشهورة. وكذا حد الشمس وأمثاله، حتى إن النحاة لما دخل متأخروهم في الحدود، ذكروا للاسم بضعة وعشرين حدا، وكلها معترضة على أصلهم، والأصوليون ذكروا للاسم بضعة وعشرين حدا، وكلها أيضًا معترضة وعامة الحدود المذكورة في كتب الفلاسفة والأطباء والنحاة وأهل الأصول والكلام معترضة لم يسلم منها إلا القليل. فلو كان تصور الأشياء موقوقا عل الحدود، ألم يكن إلى الساعة قد تصور الناس شيئًا من هذه الأمور، والتصديق موقوف على التصور فإذا لم يحصل تصور، لم يحصل تصديق، فلا يكون عند ابن آدم علم من عامة علومهم، وهذا من أعظم السفسطة.
الخامس: أن تصور الماهية إنما يحصل عندهم بالحد الحقيقي المؤلف من الذاتيات المشتركة والمميزة، وهو المركب من الجنس والفصل، وهذا الحد إما متعذر أو متعسر، كما قد أقروا بذلك، وحينئٍذ فلا يكون قد تصور حقيقة من الحقائق دائمًا أو غالبًا، وقد تصورت الحقائق، فعلم استغناء التصورات عن الحد.
السادس: أن الحدود عندهم إنما تكن للحقائق المركبة، وهي الأنواع التي لها جنس وفصل، فأما لا تركيب فيه، وهو مالا يدخل مع غيره تحت جنس كما مثله بعضهم بالعقل، فليس له حد وقد عرفوه، وهو من التصورات