ويقال إن حكيم بن حزام قدم بالحلة في هدنة الحديبية، وهو يريد الشأم، في عير، فأرسل بالحلة إلى رسول الله، فأبى رسول الله أن يقبلها، وقال: لا أقبل هدية مشرك. قال حكيم: فجزعت جزعاً شديداً حيث رد هديتي، فبعتها بسوق النبط من أول سائم سامني. ودس رسول الله إليها زيد بن حارثة فاشتراها، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها بعد.
وكان سوق مَجَنَّةَ يقوم عشرة أيام، حتى إذا رأينا هلال ذي الحجة انصرفنا وانتهينا إلى سوق ذي المجاز، فقام ثمانية أيام.
وكل هذه الأسواق ألقى بها رسول الله في المواسم يستعرض القبائل قبيلة قبيلة، يدعوهم إلى الله، فما أرى أحداً يستجيب له، وأسرته أشد قبيلة عليه، حتى بعث ربه عز وجل قوماً أراد بهم كرامته، هذا الحي من الأنصار، فبايعوه وصدقوا به، وآمنوا به، وبذلوا أنفسهم وأموالهم. فجعل الله له دار هجرة ملجأ. وسبق من سبق إليه، فالحمد لله الذي أكرم محمداً بالنبوة.
فلما حج معاوية سامني بداري بمكة، فبعتها منه بأربعين ألف دينار، فبلغني أن ابن الزبير يقول: ما يدري هذا الشيخ ما باع، لنرُدَّنَّ عليه بيعه! فقلت: والله ما بعتها إلا بِزِقٍ من خمر. ولقد وصلت الرحم، وحملت الكل،