الضبابي في نفر من الضباب قد دفعوا إلى المدينة، فحبسوا في السجن حتى رثت حالهم، ثم أرسلوا، فخرجوا يسألون في الناس حتى مروا بمحمد بن المنذر جالساً ببقيع الزبير، فقال: لا تسألوا أحداً. وأمر لهم بظهر وكسوة ورحال ونفقة، وكفاهم كل مؤونة، حتى أنهم ليعطون السياط لرواحلهم، فقال زينب الضبابي:
ألاَ أيهُّا الباغِي النَّدَي ووِراثَة النَّ ... بيَّ وفَتْوَاهُ، عليكَ ابنَ مُنذْرِ
عليكَ فَتًى إن يُصْبِح المجْدُ غالياً ... يَقُمْ بالذي يَغْلُو به ثم يَشْتري
قَرَى في حِيَاض المجدِ حتى إذا ارتَوى ... أمَالَ النَّدَى كالجَدْولِ المُتَفجِّرِ
طَوَى البُعْدَ عَنَّا حين حَلَّتْ رِحالُنَا ... بِعُوجِ الهوَادِي كالأهِلَّةِ ضُمَّرِ
فَذَاك فتًى إن تَأْتِهِ تَنَلِ الغِنَى ... وإن تَكُ أعمَى يَجْلُ عَنْكَ فتُبْصِرِ
حَرَاجِيحُ يُدْنِينَ الفتَى من صَدِيقه ... فأبْناَ كأنَّا عُصْبَةٌ لم تُؤَسَّرِ