وأصلُ المسألة في تبصرة اللخمي في باب بيوع الآجال، ونصُّه: "قال مالك في الحاج يتسلف الدقيق أو السويق أو الكعك يحتاج إليه، ويقول: أُوفِيكَهُ بموضع كذا ببلد آخر، لا خيرَ فيه. ولكن يتسلف ولا يشترط، وقال سحنون في الحمديسية (?): لا بأسَ بذلك للحاج ونحوه للضرورة، ولولا الشرط لم يسلفه، وهو أحسن". (?)

وقصدهم من المنفعة المنجرة للمقرض في هاتين المسألتين هي منفعة أخذ السالم مع كون السلف سائسًا، ومنفعة قبض الطعام في البلد الذي يريده المقرض دون أن يقبله في حيث يشاء المقترض.

ونحن إذا نظرنا إلى ما تشتمل عليه هذه المعاملةُ نجدها ترجع إلى اعتبار الحاجي القريب من الضروري، فإن خضَّارة غلة الزيتون تكثر حاجتهم إلى اقتراض المال لإقامة خدماتهم، وأصحاب المعاصر بحاجة إلى إيجاد الزيتون ليعصر في معاصرهم كل يوم لئلا تضيع نفقاتهم، وأجور عمال المعاصر في بعض الأيام التي لا يحلب لهم فيها الزيتون، فيؤول بهم ذلك إلى خسائر طائلة، ولو حرم أصحاب المعاصر من هذه المعاملة لأعرض أكثرهم عن هالته الحرفة، فيحل فيها غير المسلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015