مشروعية الزكاة:

من المقرر أن الله تعالى شرع الأحكام لمصالح الخلق وحفظ نظام العالم لقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]. وعليه فالأحكامُ الشرعية منوطةٌ بِحِكَمٍ وعلل ترجع إلى حفظ مصلحة أو درء مفسدة، قال الشاطبي في أول كتاب المقاصد من الموافقات إن اختيار أكثر الفقهاء أن أحكام الله تعالى "معللة برعاية مصالح العباد"، وأن المعتمد في ذلك استقراءُ الشريعة؛ إذ وجدناها تُعَلِّل تفاصيلَ الأحكام نحو قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]. وهو استقراء مفيد للقطع، وهو الذي ثبت به القياسُ والاجتهاد عند علماء الإسلام. وعليه فتكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهي الضروريات والحاجيات والتحسينات"، وبسط ذلك بما لا حاجة إلى التطويل به. (?) ثم قال في مسألة تالية إن المصالح هي "ما يرجع إلى قيام حياة الإنسان، وتمام عيشه، ونيل ما تقتضيه أوصافه [الشهوانية والعقلية على الإطلاق] ". (?)

إذا تقرر هذا، فاعلم أن حكمةَ مشروعية الزكاة هي المواساة؛ قال المازري في المعلم: "وقد أفهم الشرعُ أنها (أي الزكاة) شُرعت للمواساة، وأن المواساة إنما تكون فيما له بال من الأموال، فلهذا حَدَّ النُّصُبَ كأنه لم ير فيما دونها محملًا [لذلك، ثم وضعها في الأموال النامية] ". (?) وكأنه [(أي الشرع) لم ير فيما دون النصاب ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015