أو حكم به ثلاثةُ قضاة من قضاة العدل، ومنه عند الحنفية ما يُسمى بالمعروضات وهي معروضاتُ أبي السعود. (?) وإن كان القولُ الضعيف واهيَ الدليل مختلَّ المدرك، وذلك إذا صار بحيث لو حكم به الحاكم لنقض حكمه، فهذا ليس لولاة الأمور حملُ الناس عليه؛ لأن إلزام ولاة الأمور الناسَ بالجري عليه ضربٌ من الحكم. وقد تقرر أن حكم الحاكم بالقول الواهي المدرك ينقض، ولا يرفع الخلاف.
وأقوال العلماء بالنسبة للمقلدين هي بمنزلة الأدلة الشرعية بالنسبة للمجتهدين، فكما لا يجوز للمجتهد العملُ بالحديث الضعيف، كذلك لا يجوز للمقلد الأخذُ بالقول المرغوب عنه؛ ولأن ضعف الدليل يبعد القول عن الاعتبار شرعًا، وإذا لم يكن معتبرًا شرعًا لم يكن مظنة جلب مصلحة للأمة؛ لأن مصالح الأمة إنما تجلبها الأدلة المعتبرة الشرعية. فالدليل الملغى شرعًا ليس مظنة جلب المصلحة؛ لأن المصلحة تابعةٌ للاعتبارات الشرعية.
ثم إن تصرفات ولاة الأمور قد تكون بطريق القضاء، وقد تكون بطريق الفتيا، وقد تكون بطريق الإمامة، وهي أعم، كما قال القرافي في السؤال الخامس والعشرين من كتاب الأحكام، وفي الفرق السادس والثلاثين. (?) وعليه فهم في كل باب يجب عليهم الجريُ على ما يشترط في التصرف فيه من وجوب جريانها على الشرع.