إلا أن هذا الشبه قد يكون شبهًا بالأبوين الأدْنَين، وقد يكون بالآباء والأمهات الأبْعَدِين. فوجودُ المشابهة مظنة الانتساب، وأما عدمُ المشابهة فلا دلالة له على انتفاء الانتساب كما دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الموطأ والصحيحين أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله: "وُلِد لي غلامٌ أسود فقال: "هل لك من إبل؟ قال نعم، قال "ما ألوانها؟ " قال: حُمْر، قل: "هل فيها من أَورَقَ؟ " قال نعم قال: "فأنّى ذلك؟ " قال: لعله نزعه عرق قال: "فلعل ابنك هذا نزعه"". (?)

فلما لم تنضبط المشابهة، ولم يكن لها حدٌّ محدود، لم تجعلها الشريعةُ بينةً إلا عند الضرورة وفي حالة الاحتياط، كما ورد في حديث استلحاق ابنِ وليدة زَمعة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو أخوك يا عبدُ بن زمعة"، وقال لسودة بنت زمعة: "احتجبي منه"، لِمَا رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص. (?)

ولذلك أثبت الاحتجاجَ بالقافة على الإجمال مالكٌ والشافعي وأحمد والأوزاعي، روي عن عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء (?) والليث بن سعد، (?) ورُوِيَ عن عمر أيضًا خلافُ ذلك وعن علي. (?) وقد دعا عمر في خلافته القائف في ولد من امرأة تداعاه رجلان من زمن الجاهلية، ولم يعمل بقول القائف لاضطرابه، رواه مالك في الموطأ. (?) وقضى بها أبو موسى الأشعري. (?) وروى ابن حزم بسنده عن ابن عباس انتفى من ولد، فدعا له ابنَ كلدة القائفَ فقال له: أَمَا إنه ابنُك فادعاه ابن عباس. (?) ولا تُعرف آثارٌ صحيحة منضبطة للقضاء بالقافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015