المدفع وإيقاد السرج بالمنارات وضرب الطبول ليلًا، فكلُّ ذلك يقوم مقامَ قول القاضي للناس أنه قد ثبت عندي دخول الشهر.
وأما إخبارُ الناس بعضهم بعضًا بواسطة التلفون بأنه قد ثبت الشهر، فيجري على ما قررناه في طرق الثبوت الخاص بعد تحقق صوت المخبِر أو المخبِرين (بالكسر) على الخلاف، وذلك الخبرُ يقصر حكمُه على الْمخبَر (بالفتح)، فيجب عليه العملُ به في خاصة نفسه ويأمر أهله به، فإن أبوا أن يعملوا به فقيل يُجبرهم، نقله عبد الحق عن ابن الماجشون. وقال ابن بشير: لا يجبرهم، ولا يشيع ذلك في الناس فيوقعهم في حيرة، ولو أشاعه في الناس لم يجب عليهم الصومُ بخبره، ولم يجزئهم إذا صاموا بخبره؛ لأن الثبوت العام لا يكون إلا من تلقاء قاضي البلد أو نوابه الموجهين من قبله أو المأمورين منه. (?)
وهذا مقامٌ يغلط فيه كثيرٌ من الكاتبين والناظرين والعاملين عند قصد العمل به، فيختلط عليهم حكمُ الثبوت العام بحكم الثبوت الخاص، وربما أفتوا السائلين بدون تثبت فغروهم. فينبغي التيقظُ والتثبت في ذلك، لئلا يصبح أمرُ المسلمين فوضى، ولئلا يتسور على الخطط الشرعية مَنْ ليس من أهلها. (?)