لأنه شهد له أصل المقيس عليه بالاعتبار، أي بأنه جديرٌ بأن يساويَه في حكمه لمساواته في علة الحكم. وكذلك القولُ في حديث "كل بدعة ضلالة"؛ أي كل بدعة هي إحداثُ جنسٍ من الاعتقادات أو العبادات أو أصل في التشريع ليس راجعًا لأصول الشريعة فهو ضلالة. والضلالةُ ضدُّ الهداية، وهي في عرف الشرع المعاصي، فالمكروهُ ليس بضلالة.

وعلى هذا التقرير فلفظُ البدعة جارٍ على أصل معناه اللغوي، كما هو الظاهر، ويكون من العام المخصوص، ومخصصاتُه الأدلةُ الكثيرة الدالة على أن كثيرًا من الأفعال التي أحدثها المسلمون بعد رسول الله هي واجبةٌ أو مندوبة أو مباحة أو مكروهة. (?)

ولا يصح أن يكون واحدٌ من هذه الأحكام الأربعة ضلالة، أو يكون من العام الذي أريد به الخصوص، أي كل بدعة جنس ليس من أجناس عبادات الإسلام أو اعتقاداته أو معاملاته. وتكون قرينةُ إرادة الخصوص الأدلةُ الكثيرة الدالة على وجوب أو استحسان أفعال كثيرة حدثت بعد الرسول، أو على كراهية أفعال دون أن تكون ضلالة. وإن كان لفظُ البدعة قد نُقل في اصطلاح الشرع إلى اختراع المحرمات المنافية لِمَا جاء به الدين كما ذهب إليه الشاطبي، (?) كان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015