ولا يخفى أن أهلَ القول الأول لا يثبتون متشابِهًا غير ما خفي المرادُ منه، وأن خفاء المراد متفاوت، وأن أهلَ القول الثاني يثبتون متشابِهًا استأثر الله بعلمه وهو أيضًا متفاوت؛ لأن منه ما يقبل تأويلاتٍ قريبة، وهو مما ينبغي أن لا يعد من المتشابه في اصطلاحهم. لكن صنيعهم في الإمساك عن تأويل آياتٍ كثيرة سهلٍ تأويلُها - مثل: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48]- دل على أنهم يسدون باب التأويل في المتشابه. قال الشيخ ابن عطية: "إن تأويل ما يمكن تأويلُه لا يَعلم تأويلَه - على الاستيفاء - إلا الله تعالى. فمَنْ قال من العلماء الحذّاق بأن الراسخين لا يعلمون تأويلَ المتشابه، فإنما أراد هذا النوع، وخافوا أن يظن آخر أن الله وصفَ الراسخين بعلم التأويل على الكمال". (?)