وقد جاءت الشرائعُ الحقة لهذا الغرض الأسمى، أنبأ عن ذلك ما حكاه الله تعالى عن بعض رسله: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هود: 88]، فعلمنا أنه مأمور من الله بإرادته الإصلاح، كما قال صاحب موسى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]، وكما صرح بذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} [البقرة: 205].

والشريعةُ الإسلامية هي أرقى الشرائع في احتراش (?) الفضيلة من مكامن خفائها، واجتثاث الرذائل من جراثيم أدوائها، وفي تيسير سبل الوصول إلى تلك الفضائل، والتحلِّي منها بأنفع الوسائل. لذلك كانت حكمةُ التشريع الإسلامي ومقصده هي جلب المصالح على أكمل وجه، ودرء المفاسد إلى أقصى حد، مع ما يعني ذلك من إخراج المكلف عن داعية هواه، بحيث "يكون عبدًا لله اختيارًا، كما هو عبدٌ لله اضطرارا". (?)

والمرادُ بالهوى في شائع إطلاقه في لسان الشرع الميلُ إلى الباطل؛ لأنه يُذكَر في مقابلة الهدى والدين والبرهان. ويتحقق الخروجُ عن داعية الهوى بالإرشاد إلى المصالح الحقة والمفاسد الثابتة، وكشف القناع عن وجوهها إذا التبست بما يغشاها من الغشاوات؛ فإن من الصالح جليًّا وخفيًّا، وكلاهما منه عاجل الجَنِيِّ ومنه آجله، إلى مختلف الإنِّي. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015