لذاته لا لشيء آخر، ولا يُؤْثِر شيئًا على عرفانه"، (?) و"العارف شجاعٌ جواد، صفّاح عن الذنوب، نسّاء للأحقاد". (?)
وإن أصحاب رسول الله وبطانته هم أولئك المهاجرون الذين نبذوا الشرك وآثاره كلَّها عن محض اختيار، ومحبة للخير، وتخلَّقوا من أجل ذلك بأخلاق الإسلام، وخاصة الأنصار وأعيانهم الذين رغبوا في الإسلام لما دعاهم إليه رسول الله يومي العقبتين؛ (?) فلم يترددوا في قبوله، على ما هم عليه يومئذ من كثرة ومنعة. فكانوا لاحقين بالمهاجرين في إقبالهم على الحق ونبذ الضلال، وكان سادتهم وأهل الرأي منهم ملازمين لرسول الله؛ للاقتباس منه وتنفيذ أوامره.
ثم إن الرسول آخى بين المهاجرين وبين زهاء خمسين من الأنصار بقدر المهاجرين، ليحصل من تلك المؤاخاة تماثلٌ في الأخلاق والفضائل، وقد حكى القرآن حالهم الجامعة للفضائل، ونبذ الرذائل بقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29]. وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خير القرون قرني"، (?) وهم أصحابه الذين رأوه وآمنوا به؛ لأن شرف ذلك القرن إنما كان به وبهم؛ إذ كان آخرَهم وفاةً أنس بن