الاعتقاد فيها على مراعاة الفطرة، ولم يطرد ذلك في شرائعها الفرعية. وهذا ما أفاده قولُه تعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30]؛ لأن الله جعله خاتمة الأديان وجعله باقيًا في جميع العصور وصالِحًا بجميع الأمم، فجعله مساوقًا للفطرة البشرية ليكون صالِحًا للناس كافة، وللعصور عامة. وفي قوله: {الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، بيانٌ لوجه الإضافة في وصفه بفطرة الله، وتصريحٌ بأن الله خلق الإنسان سليم العقل مما ينافي الفطرةَ من العقائد الضالة والعوائد الذميمة، وأن ما يدخل عليها من ذلك ما هو إلا من جراء التلقي الضال والتعود الذميم.
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يولد الولد على الفطرة، ثم يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". (?) روى مسلم في صحيحه عن عياض المجاشعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيما يرويه عن ربه: "وإنِّي خلقت عبادي حنفاء كلَّهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجْتالَتْهم عن دينهم، وحرَّمتْ عليهم ما أَحلَلْتُ لهم، وأَمَرَتْهم أنْ يشركوا بي ما لم أُنزِل به سلطانًا". (?) لهذا كان قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]،