جنس أو قبيلة، ولم يقدم عربيًّا على عجمي، ولا أبيضَ على أسود، ولا صريحًا على مولَى، ولا لصيقًا ولا معروف النسب على مجهوله. وفي خطبة حجة الوداع: "أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلُّكم لآدم، وآدم من تراب، لا فضلَ لعربي على عجمي إلّا بالتقوى". (?)

وقد كان تمايزُ الأجناس أو القبائل في القوانين والشرائع السالفة أصلًا في الأحكام؛ ففي التوراة سفر لخصائص اللاويين. (?) وعند الرومان والفرس وبني إسرائيل لم يكن للدخيل في الأمة مثلُ ما للأصيل. وعند العرب لم يكن للصريح ما للّصيق، بله الغريب عن القبيلة. والإسلامُ أبطل ذلك: أمَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة وهو من موالي قريش، وأمَّر ابنَه أسامة بن زيد على جيش فتكلم في المرتين بعضُ العرب، فخطب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن تطعنوا في إمارته - يعني أسامة - فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل. وايم الله إن كان (أي زيد) لَخَليقًا بالإمارة، وإن هذا (أسامة) لمن أحبّ الناس إلَيّ". (?) فنبّه بقوله: "إن كان لخليقًا بالإمارة" على أن الاعتبار بالكفاءة، ونبّه بقوله: "لمن أحبّ الناس إلَيّ" على أنه إنما اكتسب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفضله وكفاءته؛ إذ بذلك تُكتسب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

كذلك لم يختص الإسلامُ بالمساواة طبقة، وقد كان نظامُ الطبقات فاشيًا بين الأمم؛ فكانت الفرسُ والروم يعدّون الناس أربع طبقات: أشرافًا، وأوساطًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015