أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107]، فكانت تلك الرحمة دائمة بدوام شريعته، عامة لأتباعه والمتوسمين لهديه، في حياته المباركة وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى. وهذا مقام قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حياتِي خيرٌ لكم، ومماتي خير لكم". (?) فكان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن هديه بعد مماته كهديه في حياته، بما فيه من جوامع الإرشاد. وليس هذا محل تفصيل هذا وتبيينه.

وقد نشأ عن الصفات الثلاث المباركة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضرته الوفاة، ذكر ما عسى أن يعرض لأمته من الضلال في أشياء تحل بعد وفاته، وعز عليه ذلك، وحرص على انتشالهم منه، فرام أن يخص ذلك بوصية خاصة، وأن يكتب فيه كتابًا يعصمهم من الضلال فيه. ثم عرض وصف الرأفة والرحمة فانصرف عن ذلك إلى ما هو خير لهم.

روى البخاري في كتاب العلم وفي المغازي وفي الجهاد، وروى مسلم في كتاب الوصية بأسانيد مختلفة ترجع إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسعيد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015