وتسعُ عشرة امرأة، فتلك الهجرة الأولى.

ثم لمَّا أسلم الأوس والخزرج، أذن الله لرسوله وللمؤمنين كلهم بالهجرة من مكة إلى المدينة دار الإسلام، وقد قيل: إن ذلك كان باقتراح من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (?). ورجع مهاجِرَةُ الحبشة إلى المدينة، فكان حكم الهجرة من مكة واجبًا على كل مسلم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72]، ودام ذلك الحكم إلى فتح مكة.

كم من حكمة لله تعالى فيما اشتمل عليه حادث الهجرة من الأحوال، وكم من نعمة أسداها لعبده ورسوله في تلك الهجرة، دلَّ بها على أنه بمحل عنايته وأنه متمم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} [النساء: 113].

1 - الحكمة الأولى صرفُه ألبابَ قريش وحذقَهم عن أن يفكروا في قطع دابر أمر الإسلام قبل أن يكثر أتباعه ويُنتدَب له أنصارُه، وتشتيتُه رأيَهم في صده عن الخروج حتى مكنه الله منه، وفي ذلك اليأس تهيئةٌ لهم نحو الدخول في الإسلام.

2 - الحكمة الثانية أن هيأ له أن تكون هجرتُه إلى يثرب، ولم يكن ذلك في باله أول وهلة، ففي الصحيح عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخلٌ فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015