وفي حديث الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر خرجوا إلى منزل أبي الهيثم بن التَّيِّهان الأنصاري وكان رجلًا كثير النخل والشاء ولم يكن له خدم، فلم يجدوه فسألوا عنه امرأته، فقالت ذهب يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربته فوضعها ثم جاء يلتزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويفديه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم سماطًا، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا تنقيت لنا من رطبه؟ " قال: إني أردت أن تختاروا من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده هذا النعيم الذي تسألون يوم القيامة: ظل بارد ورطب طيب وماء بارد"، (?) فأراد تذكيرهم بأن إعراضهم عن ذلك أنفع لهم يوم القيامة وأرفع. وقال لأبي الهيثم: "هل لك خادم؟ " قال: لا، قال: "فإذا أتانا سبي فأتنا"". وفي الحديث قصة. (?)

وأحسب أن ما ألممت به بفتح مشاكي (?) نيرة في التحقق بسر مجاهدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه، وقد قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وقيل له: إن الله غفر له ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا"، وفيه إيماءٌ إلى أن الشكر وسيلة الزيادة فيما يشكر عليه وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرقى بكل ذلك درجات عنه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015