فقسمتها بيني وبين سبعة فما منا من أولئك السبعة أحد إلا وهو أمير مصر من الأمصار". وفي حديث أنس بن مالك قال رسول الله: "لقد أخفتُ في الله وما يُخاف أحد، ولقد أُوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علَيَّ من بين ليلة ويوم ما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال"، أي قليل من طعام يوضع وعاؤه تحت إبط الرجل.
3 - وحكمة أخرى لها غاية نفسانية، وهي أن شريف الخصال التي بها غذاء الأرواح وارتقاؤها إلى معارج الكمال ورفع أعلى الدرجات في الآخرة عديدة متنوعة، ولكل خصلة منها آثار نورانية وتنعمات روحانية تخالف ما لخصال أخرى مثلها. ولخصلة الصبر أيضًا أنوار تخالف غيرها، فكان من تمام نعمة الله على عبده ورسوله أن يسر له تلك الخصال كلها حتى يكون سيد الكاملين في جمع مراتب الكمال في الدنيا والآخرة. فكما أناله من خيرات نعمة الشكر أعظمها، أناله من خيرات نعمة الصبر أشرفها. وعندي أن هذا الملحظ هو مغزى ما روى الترمذي عن أبي أمامة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني عُرض علي أن تُجعل لِي بطحاءُ مكة ذهبًا فقلت: لا يا رب، أجوع يومًا وأشبع يومًا، فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك وأدعوك، وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك وأُثنِي عليك". (?)