مِمَّا يمر بمزاوِل السيرة النبوية والمغترم بتقصِّي الآثار المحمدية أن يجدَ في "كتاب الشمائل" للترمذي وغيره صفةَ عيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وعيش أزواجه أمهات المؤمنين، ويمر به في كتب الحديث حديثُ عائشة رضي الله عنها: "ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض"، (?) وقولها: "نمكث شهرًا ما نستوقد نارًا، إن هو إلا الماء والتمر". (?)
وقد رأيتُ بعضَ المؤمنين يعتوره في هذا المقام هاجسٌ وحيرة فيقول: كيف قتر الله على رسوله الرزق؟ والبعض يقول: إذا كان ذلك لحكمة في سيرة الرسول لعظمة زهده في متاع الدنيا، ولقوة صبره على لأوائها، فلماذا لم يُرزق أزواجُه ما فيه كفايةٌ لهن ولم يكن لهن من المرتبة ما يبلغن به مرتبةَ الرسول فيساوينه فيما هو من دلائل علوّ الهمة في الإعراض عن الدنيا، فيكرب وتضيق نفسه؟