فيجوز أن الله خلق الكلامَ في الشجرة التي كان موسى حذوَها، وذلك أولُ كلام كلمه اللهُ موسى في أرض مدين في جبل حوريب. (?) ويجوز أن يخلق الله الكلام من خلال السحاب، وذلك الكلام الواقع في طور سينا وهو المراد هنا، وهو المذكورُ في الإصحاح التاسع عشر من سفر الخروج. (?)

والكلام بهذه الكيفية كان يسمعه موسى حين يكون بعيدًا عن الناس في المناجاة أو نحوها، وهو أحدُ الأحوال الثلاثة التي يكلم الله بها أنبياءه، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا [أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ]} [الشورى: 51]. وهو حادثٌ لا محالة، ونسبته إلى الله أنه صادرٌ بكيفية غير معتادة لا تكون إلا بإرادة الله أن يخالف به المعتاد تشريفًا له، وهو المعبَّرُ عنه بقوله: "أو من وراء حجاب".

وقد كلم الله تعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ الإسراء. وأحسب أن الأحاديث القدسية كلها أو معظمها مما كلم الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. وأما إرسالُ الله جبريل بكلام إلى أحد أنبيائه فهي كيفيةٌ أخرى، وذلك بإلقاء الكلام في نفس الْمَلَك الذي يبلغه إلى النبي، والقرآنُ كلُّه من هذا النوع. وقد كان الوحيُ إلى موسى بواسطة الملك في أحوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015