في الشهر الحرام من الفجور. فكان سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - مع أعمامه من بني هاشم ينبل عليهم، أي: يلتقط لهم النبال التي يرميهم بها أعداؤهم ليرموهم بها. وثبت أنه كان راكبًا فرسًا، وأنه رمي بسهم. ولم يزل محمد - صلى الله عليه وسلم - يزداد على السن خيرًا، وتتقدم به سوابقُ الهمم إلى الفضائل سيرًا، فعُرِف في فتوته بصدق الحديث وكرم الأخلاق والوفاء والأمانة، والإعراض عن السفاسف والإقبال على الجد.

فلما بلغ خمسًا وعشرين سنة من عمره بلغ خديجةَ بنت خويلد ما اشتهر به من الأمانة، وكانت امرأةً ذات مال، وكانت تقارض رجالًا من قريش يتجرون لها على شيء من الربح تجعله لهم. فرامت أن تقارضه، وأرسلتْ إليه بذلك ليخرج إلى الشام في تجارة لها، وكانت الشام متجر قريش في رحلة الصيف، فخرج سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في تجارتها ومعه ميسرة غلام خديجة. وبعد قفوله من رحلته هذه تزوج خديجة رضي الله عنها، وعمره خمس وعشرون سنة، وكانت خديجة أَيْمًا توُفِّىَ زوجُها أبو هالة التميمي حليف بني عبد الدار من قريش.

وغلب عليه لقب الأمين بين قريش، وربما لقبوه بالمأمون. ولما بلغ خمسًا وثلاثين سنة تهدمت الكعبة فشرع قريش في بنائها، وكان سيدنا محمد يومئذ معهم، فكان ينقل الحجارة فقال له عمه العباس: "اجعل إزارك على عاتقك كما يفعل الناس ليخف عليك حملُ الحجارة، فلما رفع إزاره خر مغشيًّا عليه، فقال له عمه العباس: لا حرج عليك شُدَّ عليك إزارك". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015