وأما أمر الدين فليس بثالِمٍ لشرف العنصر؛ إذ الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام. على أن آباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمهاته - ولا سيما الأدنون منهم - ما سنوا لقومهم شركًا، ولا نصبوا لهم أوثانًا. ولكنهم وجدوا الناس في حالة شرك فسايروهم، ولم تبعث فيهم رسل يدعونهم، قال الله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} [المائدة: 19]، وقال: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأنعام: 156, 157].

فلا شك أنهم من أهل الفترة، وأهل الفترة ناجون من العذاب، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [الإسراء: 15]. وجمهور أهل السنة يفسرون الرسول في هذه الآية بالنبي المرسل، ولا يحملونه على أنه العقل، (?) إذ لا بد للعقول من هاد، وليس بالسهل إدراكُ أدلة الاعتقاد. فإن استبان لأحد من أهل الفترة دليلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015