ولكن نجزم أنه صوتٌ كلمه بلا واسطة، فقل إن شئت: كلمته الشجرة، أو كلمه شاطئ الواد، أو كلمه الجو، بل ذلك يفضي إلى كلامٍ ووحي من الله تعالَى بدون واسطة.
فمَنْ قال: كلَّمته شجرة، أراد التمثيلَ والاحتمال كالتعيين. ولا يصح قولُ مَنْ قال من أصحابنا: إن الكلامَ الذي كلم اللهُ به موسى هو كلامُه الذي هو صفةُ ذاته؛ (?) لأنه يفضي إما (?) إلى حدوث الله جل وعلا؛ لأنه يستلزم أن تكون ألفاظًا صادرةً عن شفتي الله تعالى وتقدس. نعم، عندهم شيء سهل المبدأ صعب الغاية، وهو أن يقولوا: إن الله خلق لِموسى سَمْعًا قديمًا في صماخه يسمعه، وهاته مُضْحِكة؛ لأنه يلزم عليه تركيبُ موسى من قديم وحادث، فاتضح أن الكلام الذي سمعه موسى على ما تعارفه الناس.
ستقولون: فما هاته المنقبة لموسى يعدها الله تعالَى وهو لم يزد على سماع متعارف؟ فالجواب أن المنقبة في الجائي (?) إليه بلا واسطة. وذلك كما يلقي الله الوحي إلى جبريل؛ فإنه يكون بكتابةٍ تظهر له أو نطقٍ من بعض الأشياء مما يدله على أن هذا قولُ الله.
والذي سوَّغ إطلاقَ إضافته إلي الله في قوله تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144] هو انقطاعُ الواسطة، ودلالةُ تلك الألفاظ المخلوقة على كلام الله النفسي ومراده من موسى، كما يُسَمَّى القرآنُ كلامَ