مؤاخذتهم، فيُؤخذ من عرض هذا الكلام وفحواه أن آباء محمد - صلى الله عليه وسلم - من العقب الذين بقيت فيهم كلمةُ التوحيد في مدة الفترة ولم يكونوا ممتعين. ولا يقال: لعل الذين بقيت فيهم كلمةُ التوحيد هم بنو إسرائيل؛ لأنا نقول: هذا القول ينافي سياقَ توبيخ العرب والتعريض بهم والتعليل.
وهذا الدليل أحسنُ وأقرب من احتجاج بعض العلماء بقوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)} [الشعراء: 219] على أحد تفسيرين، وهو تفسير بعيدٌ ولا حاجةَ إلى بيان ذلك، فراجعه. (?) ويعضد هذا المسلكَ في هذه المرتبة ما ورد من الآثار المتظافرة التي يقويِّ بعضُها بعضًا أن عبد المطلب وهاشِمًا وعبد مناف وقُصَيًّا وكعبًا وكنانة وخزيمة ومدركة وإلياس ومضرًا وعدنان كانوا مؤمنين على دين إبراهيم، وأن عبد المطلب وقصيًّا حرَّما الخمر على أنفسهما، وأوصى قصيٌّ أبناءَه بترك شربها وترك عبادة ما سوى الله تعالى. فهؤلاء ثبت فيهم آثارٌ رواها السهيلي وغيره. (?) والمسكوتُ عنهم من سلسلة الآباء لا يُظَنُّ بهم إلا أنهم كانوا على دين إبراهيم، لا سيما مَنْ تجاوز عدنان؛ فإن قربَهم إلى إسماعيل وإبراهيم يقوِّي الظنَّ بإيمانهم بدين أبويهم.
3 - المرتبة الثالثة أن يكون شرفُهم في الآخرة بنيل فضيلة صالحي المسلمين من أتباع هذا الدين المحمدي. وهذه المرتبة لم يدلَّ عليها دليلٌ من صحاح الآثار، وإنما رُوي فيها حديثٌ عن عائشة رضي الله عنها خاص "بأن الله أحيا لرسول الله