لقصد التصدي للتعلُّم والتفقه في الدين؛ لأنهم إنما جاؤوا ممتثلين أمرَ الله تعالى في قوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]. وحيث كان قوله: "طائفة" يدل على أن طلبَ العلم في الدين فرضُ كفاية، فكذلك تعليمُ طالبه هو فرضُ كفاية.
وهذا الوجهُ من محمل الحديث مخالفٌ للمحمل الأول، وهو مبنِيٌّ على أن المراد بالسؤال بعضُ معانيه، وهو طلب التعلم، وذلك يقتضي وجوبَ جواب السائل. ولهم في أحكام التعليم تفصيلٌ مذكور في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159]. (?)
والخامس: أنه الشهادة، وهذا محملٌ مخالِفٌ للمحملين السابقين، فيكون المرادُ بالعلم هنا خصوصَ العلم بما بين الناس من الحقوق. وقد نسبه ابنُ العربي في الأحكام والقرطبي في التفسير لسحنون. (?) ويجري حينئذ على حكم أداء الشهادة المذكورة في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283]، وفيه تفصيل. (?)