وعليه قال ابن عاصم: "ويُستحب العلم فيه"، (?) فلما اطلع على هذا اللفظ مَنْ لا وقوفَ له على اصطلاح الناس في العلم ظن أن المستحبَّ العلمُ المقابل للجهل.
هكذا يتم تشبيه سلمان؛ لأن العالم بالحق يقضي وهو عالم أن ذلك هو الصواب، فهو كالطبيب المعتمد فيما يشير به على تجربة النفع. أما المقلد فهو كرجل بلغه أن الدواء نافع ولم يجربه، أو اقتضب دواءً من تلقاء نفسه يريد أن يجربه في ذلك المريض، فهذا إذا ناول المريضَ شيئًا لم يكن آمنًا من سوء المغبة.
إذا نظرنا إلى الشروط الواجبة في القاضي، نجدها ترجع إلى دفع وصف المتطَبِّب عنه وهي: 1. التكليف؛ لأن غير المكلف قاصرُ النظر قطعًا. 2. والذكورة لضعف المرأة عن الأخذ بالحقوق ونزوعها إلى الرحمة والشفقة. 3. والحرية لأن المملوك لا يُرجى لإقامة الحق ما دام يَخاف غيرَه، فربما قضى بهوى سيده. هذا هو الذي تشدون عليه من سر اشتراط الحرية في القاضي، ولا تُصْغُوا إلى ما يذكرونه من أن الرق أثر الكفر؛ لأنه لو صح لبطل استقضاء المولى. 4. والعدالة، وأمرها واضح. 5. والسلامة من فقد الحس أو المنطق؛ لأنه لا يُتَوصَّل إلى الحقيقة إلا بالفهم والاستفهام.