كذا وآية كذا". (?) إلخ. والمعنى: فنعم الشيء لك القضاء بين الناس، لما فيه من إيصال الحق.
• "وإن كنت متطببًا فاحذَرْ أن تقتل إنسانًا": أراد بالمتطبب هنا المتفعل المتكلف من الطب المراد هناك، أي غيرَ عالمٍ بوجوه القضاء، ورشح هاته الاستعارة بقوله: "أن تقتل إنسانًا". وقد شبه بقتل المتطببِ مريضَه ما يُحدثه قضاءُ القاصر من ضياع الحقوق المفضي إلى الفساد، فيكون الترشيح مستعارًا للازم المشبَّه من لوازم المشبه به على نحو: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103]، فيفيد الترشيحَ بلفظه والاستعارةَ بمعناه وقرينته.
وأراد بالمتطبِّبِ الذي ليس على بينةٍ من أمره، فهو يقصد الحقَّ فيقع في الباطل، كشأن كلِّ مَنْ لم يكن متحقِّقًا من شيء. فسلمان لا يَخْشى على أبي الدرداء الْجور، ولا يحذره منه؛ لأنه آمِنٌ عليه منه لعدالته، إذ هو من أصحاب رسول الله، وهم عدول. وإنما خشي عليه أن لا يتأمل جيدَ التأمل في بعض القضايا، مبالغةً في النصح له، وذلك لأن القضاء بغير الحق جهلًا يساوي قصدَ الجور في عدم الوصول إلى الحق.
وفي حديث النَّسائي عن أبي هريرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "القضاةُ ثلاثة: اثنان في النار، وواحدٌ في الجنة. رجلٌ علم الحقَّ فقضى به فهو في الجنة، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ فهو في النار، ورجلٌ جَارَ في الحكم فهو في النار". (?)