وسمع سحنون رجلًا يحدث عن ابن نافع فقال له: أنتَ أدركت ابن نافع؟ فقال: أردتُ الزبيري ولم أرد الصائغ، فوبَّخه سحنون وقال: "ماذا يظهر بعدي من العقارب! " (?)

ومنه ما قاله الحافظ أبو عمر في "التمهيد": أن يحدث الرجل عن الرجل قد لقيه وأخذ عنه بما لم يسمعه منه، وإنما سمعه بالواسطة مِمَّنْ تُرضى حالُه أو لا ترضى. (?) فهذا مؤذِنٌ بأنه ما حَذَف الواسطةَ إلا لنقص تَخَّيله فيه، غير أنه إذا كان من أهل الضبط اغتُفِرَ له ذلك. فدَفْعُ هذا هو ضبطُ تاريخ الرواة ومَنْ لقيَ منهم غيرُه ومَنْ لم يلقه، ومقابلة ذلك بروايات أقرانه، مع التوخِّي في ألفاظ التحديث مثل الفرق بين سمعت فلانًا وبين عن فلان.

وأما التفاخر، فهو اعتناء الراوي بإشهار مروياته، حبًّا للمحمدة. ويكون بأمور: منها الإكثارُ من الرواية، ومنها الاعتناءُ بتخريج الغريب، أي الذي لا يُعرَف، ومنها الولعُ بمحسِّنات الحديث. وكلُّ ذلك وإن كان لا يقتضي كذبًا، إلا أنه قد يَجُرُّ إلى التساهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015