أمر الله فيها بالعدل، والعدل في لسان العرب جاء من المعادلة وهي المساواة والمماثلة، وهو هنا التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، من معادلة الميزان (وهي توسط لسانه) إذا استوت كفتاه. فأمر بأنواع العدل كلها في الاعتقاد والأعمال والمعاملات. فالعدل في الاعتقاد هو التوسط بين الوثنية والمادية (?)، وفي الأعمال عدل الحكام، والتيسير في الدين التوسط بين التساهل والتشدد، وفي المعاملات معاملة المرء نفسه بمنعها مما يضر بها من شهواتها وتخويلها ما ينفعها من مرغوباتها، وبينه وبين الخلق ببذل النصيحة بلطف وترك الخيانة والإنصاف من نفسه لهم، وأن يمسك عن أذاهم ولا يدع من يجترئ عليه منهم.

أما الإحسان فهو من أحسن إذا فعل حسنًا، فاحترام الكبار والشفقة على الأطفال والضعفاء والصدقة والعفو كلها من الإحسان، وكذا الشفقة على الحيوان، وفي الحديث: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". (?) عطف الله على الإحسان إيتاء ذي القربى وهو إعطاء من له بك قرابة، لينبه على أن أكبر الإحسان وأولاه بالتنصيص إعطاء الأقربين كي لا يظن أحد أن ليس من الإحسان ما يعطي لأقاربه، فيذهب ينفق مالَه على الأبعدين فقط، وربما كان في أقاربه مَنْ هو أحوجُ منهم، وفي إعطاء أقاربه صلةٌ لأرحامهم ومجلبةٌ لحبهم. وذلك من مبادئ الاتحاد، وهو إحسانٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015