ومن العجائب التي تنافي ما ينتحله الشيخُ ابن خلدون من الفلسفة، (?) أن تسمعه يسند طولَ عمر نوح إلى قِرانات كوكبية غريبة، (?) ناسيًا أن الكواكبَ التي اقترنت ما طلعت على نوح وحده، بل على العالم كله، فمن الواجب أن يعيش كلُّ البشر الموجود يومئذ كما عاش نوح حذوَ النعل بالنعل؛ فلا معجزةَ ولا خصيصة. وتأثيرُ الكواكب في بعض الأشخاص دون بعض من تدجيلاتِ الكهان، التي ما كان ينبغي أن تأخذ مكانًا من عقل الشيخ ابن خلدون حتى يشوه بها كتابه، ويموه صوابه.
ثم ماذا يصنع في أعمار غير نوح من الأنبياء وغيرهم الذين ذكرتهم التوراة (العهد القديم) وهي الملجأ في التاريخ العتيق (المقدس)؟ أنا لا أرى هذا التحديد المنسوب للحكماء إلَّا شيئًا سرى لهم من قولها في سفر التكوين (ص 36): "فقال الرب لا يدين روحي لي الإنسان إلى الأبد لزيغانه هو بشر وتكون أيامه مائة وعشرين سنة". (?)