عن تعقّل بعضها كلُّ تعقُّلٍ لحقيقة شيء من الأشياء (وهي الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعَرَض) فإنهم يتكلمون عليها بما يفيد تعقُّلُها من حيث هي صالِحةٌ للوقوع في الأقوال الشارحة للحقائق (أي المعرِّفات)؛ لأن معرفة الحقائق هي أساس الفلسفة. فلذلك كانوا يقسِّمون الكليَّ باعتبار صلاحيةِ وقوعه في جواب سؤال سائل (أي متطلّب لشرح حقيقةٍ ما)، فيقولون مثلًا: "الجنس هو المقول في جواب ما هو على كثيرين مختلفين الحقيقة". (?)

ونجد الشيخَ سلك في هذا الكتاب إلى تقرير مبحث الكلّيّات من نهج آخر، وهو نهج تعقلها بأوصافها الثابتة لها من حيث هي هي، بقطع النظر عن صلوحيتها للوقوع في الأقوال الشارحة؛ أعني بوصف كونها مواهيَ وحقائقَ متعَقَّلةً في نفسها، سواء وقعت في القول الشارح أم لم تقع. فلذلك قسّمها في هذا الكتاب باعتبار كونها مقوِّمةً لحقيقة ما وغير مقومة، أو باعتبار كونها ملازمةً لحقيقةٍ ما وغير ملازمة. (?)

والطريقتان متآيِلتان، (?) والشيخُ لم يعلل وجهَ مخالفته الطريقةَ المشهورة. وأنا أظن أنه قصد من ذلك أن العلمَ بالكليات الخمسة هو في ذاته علمٌ بحقائق كثيرة الجدوى على الحكيم؛ فإن منها المقولات، وهي الأجناس العالية للموجودات.

ووجهُ العلم بالكليات في الطريقتين إنما هو بالرسم؛ أعني تعريفَ الماهية بلوازمها، فإن كونَ الكليِّ واقعًا في الجواب أو كونه مقوّمًا وغيرَ مقوم، أو لازمًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015