للحكمة التي اشتغل بها فلاسفةُ الإسلام طريقتان: إحداهما طريقةُ أفلاطون وأُستاذَيه، (?) وهي مشهورة بحكمة الإشراق (بكسر الهمزة). والأخرى طريقةُ أرسططاليس وأتباعه، وهي المشهورة بالحكمة المشّائيّة (بفتح الميم وتشديد الشين). وقد نشأت الطريقتان عن ترجمة كتب إمامَيهما وترك ما عداها.
والحكمتان تتّحِدان في كثير من الأصول وخاصة في الطبيعيات والرياضيات، وتختلفان فيما عدا ذلك؛ أي في العلم الكلِّي الذي يبحث عن الصفات العامة العارضة لجميع الموجودات، والعلم الإلهي وهو الذي يبحث عن المجرّدات، وواجب الوجود وصفاته، وأهل السفارة عنه، ومصير النفوس بعد الموت، فها هنا تختلف الحكمتان اختلافًا بينا. فالحكمةُ الإشراقية طريقُها المكاشفةُ وانقداحُ الحقائق في النفس، وأما ما يُذكر معها من الأدلة فإنما هو للإقناع. والحكمةُ المشّائيّة سبيلُها البحث والقياس العقلي أو الاستقرائي، مع رفضهم الحكمةَ الذوقية. (?)
ووجهُ تسمية الأولى بـ "الإشراقيّة" أنها تعتمد على إشراق العقل بالارتياض والتجرّد عن الرذائل، فبكثرة الإشراق تكثر الأنوارُ الانكشافية وتتولّد الحقائق الصادقة ومناسباتها. قال السُّهروردي (?) في حكمة الإشراق: "الإشراقيون لا ينتظم أمرُهم