هذه الحقيقةُ حتى توجد الأشياءُ الموصوفة بها، فإن وُجِد شيءٌ عن غير عدم متقدِّم كوجود الحق وصفاته قيلَ فيها موجود قديم لاتصافَ الحق بها، وإن وُجد شيءٌ عَن عدم كوجود ما سوى الله - وهو المحدث الموجود بغيره - قيل فيها محدثة. وهى في كل موجود بحقيقتها، فإنها لا تقبل التجزِّي، فما فيها كلٌّ ولا بعضٌ ولا يُتوَصَّلُ إلى معرفتها مجردةً عن الصورة بدليل ولا ببرهان. فمن هذه الحقيقة وُجِد العالَمُ بوساطة الحق تعالى، وليست بموجودة فيكون الحق قد أوجدنا من موجود قديم فيثبت لنا القدم. وكذلك لِتَعْلَمْ أيضًا أن هذه الحقيقة لا تتصف بالتقدم على العالم ولا العالم بالتأخر عنها، ولكنها أصلُ الموجودات عمومًا، وهى أصل الجوهر وفلك الحياة والحق المخلوق به وغير ذلك، وهى الفلك المحيط المعقول. فإن قلت إنَّها العالَم صدقت، أو إنَّها ليست العالَم صدقت، أو إنَّها الحق أو ليست الحق صدقت، تقبل هذا كله وتتعدد بتعدد أشخاص العالم، وتتنزه بتنزه الحق". (?)
وقال في الباب السابع والسبعين والمائة: "فلا وجودَ حقيقيّ لا يقبل التبديلَ إلا الله تعالى، [فما في الوجود المحقق إلا الله]، وأما ما سواه فهو الوجودُ الخيالي. . . فكل ما سوى الحق خيال حائل، وظل زائل". (?)