أما تسميةُ هذا المجموع وإعطاؤه عنوانًا، فأمر قد ترددت بشأنه، وكنت على وشك أن أجعل العنوان الذي اختاره الأستاذ عبد الملك ابن عاشور لمجموعة المقالات التي نشرها: "تحقيقات وأنظار" عنوانًا له، فهو اختيار موفَّقٌ ومعبِّرٌ عن حقيقة ما كتبه الشيخ وعن النهج الذي سار عليه فيما جمعناه ههنا. ولكن الخشيةَ من أن يشوِّش ذلك على القارئ فيحسب العملين شيئًا واحدًا، واعتبار ما قد ينجم عن تبني هذا العنوان من إشكالات قانونية مع ناشري "تحقيقات وأنظار"، جعلانا نصرف النظر عنه، ونعتاض عنه بغيره. وقد رأيتُ من المناسب أن يكون العنوان عامًّا "محايدًا"، فاخترتُ أن يكون: "جمهرة مقالات ورسائل الإمام محمد الطاهر ابن عاشور"، فعسى أن تكون هذه التسمية وافية بالغرض، على ما في صيغة الإضافة فيها من وجه للاعتراض عليها.
ومهما كان الجهد الذي بُذل في إعداد هذه الجمهرة والحرص على خدمة نصوصها خدمة علمية دقيقة، فلا مجالَ للادعاء أو الشعور بأني بلغت فيها النهاية وأوفيت على الغاية، لا جمعًا واستيعابًا ولا تحقيقًا وتوثيقًا، فلا أحسب إلا أن قد شذت عني منها شوارد، وغابت عني موارد، ولحقت عملي فيها شوائب. فعسى ناقدًا بصيرًا ينبهني، وقارئًا نصوحًا يرشدني، ومعينًا حريصًا يساعدني، فأتدارك النواقص، وأزيل الشوائب، وأصحح الأخطاء. فبذلك وحده تنضج الأعمال وتزكو، وتنصلح الأمور وتصفو، وتتضافر الجهود وتسمو، ويتكامل البناء ويرسو.
" من لا يَشكُرِ الناسَ لا يشكُرِ الله"، كذا قال رسول الله - عليه السلام - (?)، و"لا أحدٌ هو
جزيرةٌ قائمة بذاتها"، هكذا قال الشاعر الإنجليزي جون دونِّي John عز وجلonne